الرئيسية
المحكمة تعتبر أن الفيلالي كان يضع بلاده في داخله وحكمها غير قابل للطعن
القاهرة: نجوى عبدالعزيز
فجرت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة مفاجأة لم تكن متوقعة، حينما قضت أمس ببراءة المصري المتهم بالتخابر مع اسرائيل شريف الفيلالي واعفائه من العقوبة باعتباره أبلغ عنها، فيما عاقبت المتهم الثاني الضابط الروسي الهارب جريجوري شفتش بالاشغال الشاقة المؤبدة.
<table width=380 border=0><tr><td align=middle> </TD></TR></TABLE> |
القاهرة: نجوى عبدالعزيز
فجرت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة مفاجأة لم تكن متوقعة، حينما قضت أمس ببراءة المصري المتهم بالتخابر مع اسرائيل شريف الفيلالي واعفائه من العقوبة باعتباره أبلغ عنها، فيما عاقبت المتهم الثاني الضابط الروسي الهارب جريجوري شفتش بالاشغال الشاقة المؤبدة.
ولم تستغرق جلسة النطق بالحكم سوى خمس دقائق فقط تلا فيها رئيس المحكمة المستشار محمد عاصم الجوهري الحكم والذي استقبله المتهم المصري بتحية القضاء المصري العادل وانه سيرضى بأي حكم يصدر في حقه فيما اجهشت والدة المتهم بالبكاء وهي تقول: «كنت واثقة من براءة ابني، لكنني لم أصدق انه سيحصل على البراءة».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» ان المحكمة استقر في وجدانها ان المتهم كان يضع مصر في داخله وحينما فاتحه المتهم الروسي بأمر التجسس طلب مهلة وأبلغ عن الواقعة مؤكدا ان هذا الحكم لله وحده.
واثناء اقتياده خارج المحكمة الى السجن قال الفيلالي الذي كان لايزال يرتدي زي المسجونين «قضاء مصر عظيم وطول عمره عظيم». وقال فوزي والد شريف الفيلالي للصحافيين «هناك عدل في مصر، ونحن نحيي القضاء».
وقال المستشار أحمد سعيد عبدالخالق محامي المتهم المصري لـ«الشرق الأوسط»: الحمد لله وكلي ثقة في القضاء العادل حيث كنت أتوقع البراءة خاصة ان القضاء بمصر بخير كعهدنا به دائما وان ترقبي لصدور الحكم بالبراءة كان يراودني باعتبار انه هو المبلغ عن الواقعة وعن اشتباهه في المتهم الثاني جريجوري وهو الذي قام بالمبادرة في الابلاغ عندما تشكك في سلوكيات الضابط الروسي أثناء عمله معه كمترجم وسكرتير خاص بشركته «فان افريكا». وأكد المحامي ان الفيلالي هو الذي توجه بارادته الى السفارة المصرية في مدريد في 6 يونيو (حزيران) 2000، وقدم بلاغا كتابيا للسفارة دون فيه عن مشوار حياته باسبانيا وعمله مع هذا الشخص وانه يتاجر في الأسلحة ويرغب في شراء أسلحة من مصر لبيعها في دول افريقية فأراد أن يعلم من السفارة ما اذا كان هذا العمل مشروعا من عدمه، وطلب أخذ رأي الجهات الأمنية في مصر حول استمرارية العمل معه من عدمه، كما تقدم بشخصه وتقابل مع الملحق العسكري المصري وأبلغه بتلك المعلومات، وأكد المحامي ان موكله عندما لم يتلق جوابا قام بالحضور الى مصر بتاريخ لاحق في 10سبتمبر (ايلول) 2000 وتوجه بارادته الى المخابرات العامة وأصر على مقابلة المسؤولين وعاد وتقدم اليهم بصورة من البلاغ الذي كان قد تقدم به الى السفارة في مدريد فأجرت المخابرات العامة تحرياتها وأرادت أن تتأكد من حسن نواياه فاستصدرت إذنا من نيابة أمن الدولة بتفتيش مسكنه. وأكد المحامي انه لم يضبط شيء في مسكنة يدينه. وختم بالقول ان دوره كدفاع عن المتهم انتهى نهائيا عدا متابعته فقط اجراءات الافراج عنه.
وصرح مصدر قضائي مسؤول ان هذا الحكم أصبح واجب النفاذ حيث لا يجوز الطعن فيه مطلقا امام أية محكمة حيث ان المحكمة التي أصدرت الحكم هي محكمة أمن دولة عليا طوارىء مشيرا الى أنه في حالة دراسة النيابة لحيثيات الحكم واذا رأت أي عيوب في الحكم فتتقدم بتظلم الى مكتب التصديق على الاحكام العسكرية تطلب منه عدم التصديق على الحكم.
وترجع وقائع القضية الى يوم 27 سبتمبر (ايلول) 2000 عندما أبلغ جهاز المخابرات العامة نيابة أمن الدولة العليا بتحرياته عن المتهم شريف فوزي الفيلالي حيث قامت النيابة بصحبة ضباط المخابرات العامة بالقبض عليه في شقته بضاحية مصر الجديدة، ووجهت اليه النيابة اتهامات التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الاضرار بالمصالح القومية للبلاد، بأن اتفق مع المتهم الثاني جريجوري وآخرين خارج البلاد على التعاون معهم لصالح المخابرات الاسرائيلية «الموساد» كما وجهت اليه في أول جلسات المحاكمة تهمة النصب.
وقال المستشار هشام بدوي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا أن الحكم ليس براءة بالنسبة للمتهم المصري ولكنه عبارة عن جريمة وقعت كما ورد في اسباب الحكم وأن المحكمة على قناعة بوقوع الجريمة ولهذا ادانت المتهم الثاني بالاشغال الشاقة المؤبدة ورأت أن المتهم الأول أبلغ فأعفته من العقوبة طبقا للمادة 84 من قانون العقوبات وندرس حاليا أسباب الحكم. وأوضح المستشار بدوي ان الحكم لا يعتبر نهائيا الا بالتصديق عليه من مكتب شؤون أمن الدولة.
وأكدت المحكمة في حيثياتها ان المتهم شريف فوزي الفيلالي تخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الاضرار بالمصالح القومية للبلاد واتفق مع المتهم الروسي واخرين في الخارج على التعاون معهم لصالح المخابرات الاسرائيلية وأمده بمعلومات وسلم اليه تقارير عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والسياسية بقصد الاضرار بمصالح البلاد القومية.
وأضافت المحكمة أيضا أن الفيلالي طلب وأخذ ممن يعملون لمصلحة دولة أجنبية أموالا بقصد القيام بأعمال ضارة بالمصالح القومية للبلاد فيما ثبت لدى المحكمة اشتراك المتهم الثاني الروسي مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التخابر.
وقال رئيس المحكمة في حيثيات حكمه انه بعد ان انتهت المحكمة الى ثبوت الاتهام فإنها قررت اعفاء المتهم الأول شريف فوزي الفيلالي من العقوبة عملا بنص المادة 84أ من قانون العقوبات التي اجازت للمحكمة اعفاء الجاني من العقاب اذا بادر بإبلاغ السلطات بعد تمام الجريمة وقبل البدء في التحقيقات.
وقالت المحكمة إنه تبين لها ان السلطات لم تكن على علم بالجرائم التي ارتكبها الا في يوم 13سبتمبر 2000 بعد ان توجه بنفسه الى المخابرات العامة ليروي ما فعله معلنا ندمه.
وقالت المحكمة ايضا ان وقائع هذه القضية كشفت عن عمق انتماء الشباب المصري لارضه، فقد يسخط أو يضيق ويتألم، لكنه لا يسقط أبدا، واعتبرت المحكمة في حيثياتها ان ابلاغ المتهم عن القضية من تلقاء نفسه أمر لا يمكن تصديقه لذلك فإن مصر لن تشيح وجهها عن ابن ضل الطريق وعاد الى احضانها باكيا لذلك استجابت المحكمة لنداء المتهم الأول بطلب الاعفاء من العقوبة وقضت ببراءته.
وقال حافظ ابوسعدة الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان لرويترز «انا سعيد لبراءة الفيلالي فقد كنت اشعر بالقلق من ان يتحول الى ضحية للمشاعر الشعبية والاحباط بسبب اسلوب اسرائيل في التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية».
